تعيش مملكة البحرين أيامًا سعيدة بحلول العيد الوطني المجيد وعيد جلوس صاحب الجلالة الملك المفدى، وعادة ما تشهد الأسواق في هذه المناسبات انتعاشًا في الحركة الشرائية نتيجة الإقبال الكبير من المواطنين لاقتناء مستلزمات الاحتفال بالعيد الوطني.
وربما ما يميز هذا العيد هو تزامنه مع قرب تطبيق قرار ضريبة القيمة المضافة، لذلك انتعاش السوق قد يكون مضاعفًا ليس بسبب اقتناء مستلزمات العيد الوطني فقط، بل حتى شراء السلع الكمالية الأخرى التي ستتأثر بعد أيام بتلك الضريبة.
وعادة ما ينتعش السوق في الأعياد والمناسبات عامة، ليس فقط على الصعيد التجاري، بل حتى السياحي، إذ تشهد أيضًا الفنادق والمطاعم حركة مستمرة يصل فيها الإشغال إلى نسب عالية سيتحدث عنها الزملاء في تقارير أخرى. وشهد العديد من المحلات التجارية في مختلف مناطق المملكة خلال هذه الأيام انتعاشًا في الحركة الشرائية نتيجة الإقبال على شراء الصور، والأعلام الوطنية، والأوشحة وغيرها.
ورصدت «أخبار الخليج» حركة السوق في المحلات التجارية وما شهدته من ازدحام كبير من قبل المواطنين لشراء مستلزمات الاحتفال باليوم الوطني، وأكد أصحاب تلك المحلات أنهم ينتظرون هذه المناسبة لتتميز محلاتهم بالألوان الحمراء والبيضاء في كل عام، مشيرين إلى أن الاحتفال بالعيد الوطني من المناسبات التي تتسابق فيها المحلات على عرض وتوفير الإكسسوارات الخاصة بكل ما يعني اسم الوطن بأشكال متنوعة وأحجام مختلفة تلبي ذائقة المواطنين، مبينًا أن أغلب المحلات تستعد لهذه المناسبة منذ أكثر من شهر لبيع كميات كبيرة من البضائع المعبرة عن حب الوطن تلبية للطلب المتزايد عليها.
وشهدت محلات زينة السيارات إقبالاً أيضًا من قبل الشباب الذين يحرصون على تزيين سياراتهم بصور القيادة الرشيدة والأعلام التي تعبر عن حب الوطن وتضيف بعض الشعور بالحماس والوطنية للمشاركة في الاحتفال بالعيد الوطني.
وأفاد عدد من المواطنين، بملاحظتهم عن العروض التي تقدمها المحلات المختلفة في هذه المناسبة، وأيضًا بمناسبة قرب تطبيق قرار ضريبة القيمة المضافة، مؤكدا بعضهم أنهم سوف يقومون بشراء ما يحتاجون إليه من سلع كمالية قبل تطبيق الضريبة عليها، فيما أكد آخرون أن السلع الكمالية غير مهمة بالنسبة إليهم فلن يتسابقوا لشرائها قبل تطبيق القرار ولا حتى بعده.
وفي هذا السياق، أكد الخبير الاقتصادي لـ«أخبار الخليج» د. جعفر الصائغ، أن مثل هذه الأعياد والإجازات بشكل عام تعطي حركة اقتصادية غير عادية، حيث يكثر فيها تبادل الزيارات سواء من داخل البحرين أو من القادمين إليها.
وأضاف الصائغ، كل ذلك يؤثر على السيولة والنشاط الاقتصادي في المملكة، مؤكدا زيادة الإقبال على السوق وخاصة مع تزامن العيد الوطني هذا العام مع قرب تطبيق قرار ضريبة القيمة المضافة.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى زيادة الإقبال على بعض السلع التي ستفرض عليها الضريبة مثل السيارات، أو السلع الكمالية الأخرى، لافتًا إلى القرار الأخير برفع أسعار البنزين، إذ أقبل الناس بكثرة على المحطات للتزود بالوقود رغم أن ذلك سينفد، فما بالك بالسلع التي ستبقى لفترة طويلة؟
وفيما يخص استغلال الشركات هذه الفترة بالإعلان عن العروض المغرية للزبائن، شدد الصائغ على أن مثل هذه العروض متوقعة خاصة مع إقبال الناس على شراء السلع في فترة ما قبل تطبيق الضريبة، وبفضل العيد الوطني تشهد المملكة أيضًا حركة سياحية تجارية خدمية مميزة.
وتوقع الصائغ انتعاش السوق وخاصة في هذا الشهر مقارنة بالسنة الماضية نسبة 30% وخاصة في عمليات البيع والشراء، وقد بدأ الناس بالفعل بالإقبال على مختلف المحلات التجارية ومعارض السيارات وحتى مكاتب السفريات، فبعض الدول لا توجد لها حجوزات من شدة الإقبال.
وحول ذلك، لفت النائب أحمد السلوم إلى أن الإقبال سوف يتزايد بلا شك في الأسواق خاصة مع قرب تطبيق قرار الضريبة، مؤكدا أنه كلما اقترب موعد تطبيق الضريبة جاء التجار ببضاعة أكثر وزاد الإقبال من قبل الناس.
وأضاف السلوم، الناس جميعها تريد توفير 5% من قيمة السلعة، فهي من الطبيعي أن تقوم بشراء البضاعة وتخزينها أو حتى استخدامها من الآن. وأشار السلوم إلى أن التجار وخاصة تجار المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ينبغي أن يضعوا نسبة الـ 5% ضمن المصاريف حتى لا يتأثر المستهلك وفي نفس الوقت لن تتأثر أسعار السلع.
وتوقع السلوم انتعاش السوق هذه الفترة بنسبة تفوق 50% مقارنة بالفترة ذاتها في العام الماضي في جميع القطاعات، وذلك لما ستشهده مختلف القطاعات من انتعاش متوقع بمناسبة العيد الوطني وقرب تطبيق ضريبة القيمة المضافة.
من جانبه، أكد النائب عيسى الكوهجي أن الأسواق العالمية عمومًا تشهد أزمة اقتصادية في الفترة الراهنة، والبحرين غير مستثناة من ذلك، ولكن ما يميز المملكة هو ارتفاع مؤشرها الاقتصادي سنويًا حوالي 2%.
وأضاف الكوهجي: فيما يخص انتعاش السوق أعتقد أن الحكومة بالتعاون مع غرفة تجارة وصناعة البحرين، لديها خطة محكمة لجعل البحرين ضمن الدول الاقتصادية المتطورة في المنطقة. ولفت الكوهجي إلى أن السوق في البحرين صغير، لذلك فرص انتعاشه أسرع.
وعلى صعيد متصل، صرح رجل الأعمال البحريني محمد زينل منوهًا بأن أصحاب المحلات التجارية ينتظرون مناسبة العيد الوطني سنويًا حتى يميزوا أنفسهم بالبضاعة التي تحمل صور العائلة المالكة حفظها الله وأعلام البحرين.
وأضاف زينل، السوق أصبح فيه تنافس كبير في هذا الجانب، فترى حتى البرادات الصغيرة تضع أعلام البحرين والأوشحة للبيع مما قد يؤثر أحيانا على محلات التجزئة المتخصصة في ذلك.
ولفت زينل إلى أن معظم هذه السلع متشابهة ولكن الابتكار هو ما يميز المحلات، فالعلم هو علم واحد متشابه، ولكن كيف يمكن ابتكار السلع الوطنية حتى يقبل عليها الناس بشكل أكبر؟ فمثلاً يقبل العديد من الزبائن على السلع الشعبية القديمة والمزخرفة بأعلام البحرين.
سنويًا نقوم بوضع قسم خاص لسلع العيد الوطني ونزين المحل، هذا ما كشف عنه زينل لـ«أخبار الخليج»، إذ يؤكد أن شهر ديسمبر يعتبر أحد أفضل الشهور في السوق بشكل عام. وحول السلع التي يقبل عليها الناس في العيد الوطني يؤكد زينل أن الإقبال يكون على الأعلام الوطنية، والأوشحة الحمراء، والملابس التي تحمل اسم المملكة، والمصابيح البيضاء والحمراء خاصة، مؤكدا أن محلات التجزئة سوف تشهد انتعاشًا بنسبة 15 – 20% في هذه الفترة.
وحول ضريبة القيمة المضافة، قال زينل: ندرس عدم إقرار نسبة الضريبة الكلية، بل نصفها، أي يتم احتساب نسبة الضريبة 2.5% وليس 5% على السلع التي ستشملها الضريبة، وذلك حاليًا تحت الدراسة مع المدققين الماليين في الشركة.
وتتزين مملكة البحرين بمناسبة مقدم أعيادها الوطنية المجيدة، وقد حققت هذا العام العديد من الإنجازات على جميع المستويات، ففي المجال الاقتصادي تواصل المملكة جهودها من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وجذب الاستثمارات العالمية، تحقيقًا لأهداف المسيرة التنموية الشاملة، وبناء على ذلك بدأت المملكة تنفيذ برنامج ضخم يهدف إلى تحقيق التوازن بين المصروفات والإيرادات الحكومية بحلول عام 2022 يتضمن مجموعة من المبادرات لخفض المصروفات وزيادة الإيرادات الحكومية واستمرارية التنمية ومواصلة استقطاب الاستثمارات.
ويأتي هذا البرنامج – الذي يتطلب تكاتفًا وطنيًا لتنفيذه- استكمالاً لنجاح الحكومة من خلال إطلاقها حزمة من المبادرات خلال الفترة 2015 - 2017 من تحقيق أثر مالي سنوي أسهم في تقليص العجز في الميزانية العامة بمقدار 854 مليون دينار.
وتشجع المملكة الاستثمار في قطاعات غير الطاقة، مثل: التمويل والبناء لتنويع الإنتاج وتقليل اعتماده على النفط، وبفضل تلك الجهود أصبحت مملكة البحرين مركزًا إقليميا للكثير من الشركات المتعددة الجنسيات التي تقوم بأعمال تجارية في المنطقة.
كما تمتاز البحرين ببيئة اتصالات حديثة وبنية تحتية للنقل والمواصلات، كما أن البحرين لديها تشريعات عديدة محفزة للاستثمار، منها قوانين الشفافية ومكافحة الفساد وتسهيل منح التراخيص وغيرها، كما قامت المملكة بتعزيز البنية التحتية؛ لكي تتاح للمستثمر من داخل وخارج البحرين البيئة اللازمة للاستثمار، وتوفير عمالة ماهرة ومدربة، وعقد اتفاقيات جديدة مع العديد من دول العالم تتيح فرصًا استثمارية أكبر.
وأضحت مملكة البحرين تمتلك تجربة متفردة في تنمية الشباب والارتقاء بهم، فالشباب يشكلون العمود الفقري للمشروع الإصلاحي لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى والذي وضع الأسس لتربية جيل قادر على النهوض بالوطن، كما مهد الطريق لمشاركة الشباب في التنمية وتأهيلهم لتحقيق الإنجازات في مختلف المجالات.
وأصبح للشباب البحريني دور مهم في تحقيق التطلعات لمستقبل مملكة البحرين. وقد قامت وزارة شؤون الشباب والرياضة بتوجيه من سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الخيرية وشؤون الشباب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة رئيس اللجنة الاولمبية البحرينية بطرح المبادرات المهمة التي تمكن الشباب من أخذ موقعهم الحقيقي في عملية التنمية التي تشهدها المملكة، ومن بينها «مدينة شباب 2030».